الاتجار بالبشر جريمة مروعة وانتهاك شنيع لحقوق الأشخاص وتعد صارخ على سلامتهم وكرامتهم.
والمؤسف أن الاتجار بالبشر هو أيضا معضلة تزداد سوءا وبخاصة بالنسبة إلى النساء والفتيات اللائي يمثلن أغلبية الواقعين ضحايا للاتجار ضمن الحالات التي يجري اكتشافها على الصعيد العالمي.
وقد أطبقت النزاعات والنزوح القسري وتغير المناخ واللامساواة والفقر بويلاتها على عشرات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم فتركتهم يعيشون في العوز والعزلة بلا حول ولا قوة.
وحلت جائحة كوفيد-19 ففصلت الأطفال والشباب عن أصدقائهم وقرنائهم واضطرتهم إلى قضاء المزيد من الوقت بمفردهم وعلى الإنترنت.
ويستغل المتجرون بالبشر مواطن الضعف المذكورة ويستخدمون تقنيات متطورة لتعرّف هوية الضحايا وتعقبهم ومراقبتهم واستغلالهم.
وتتيح لهم منصات الإنترنت الاحتيال على الأشخاص واستخدامهم بوعود كاذبة. وتسمح لهم الشبكة المظلمة بإخفاء هوياتهم وهم ينشرون محتوياتهم الدنيئة ومنها تلك التي تستغل الأطفال جنسيا. وكذلك فإن التكنولوجيا تمنح المستهلكين إمكانية طلب محتويات أشد انحطاطا وخطورة دون أن يكشفوا عن هويتهم وهذا ما يغذي ظاهرة الاتجار بالبشر.
ولكن، وكما يذكرنا بذلك موضوع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص لهذا العام – ”استعمال التكنولوجيا وإساءة استعمالها“ - إذا كان بمقدور التكنولوجيا أن تعين على الاتجار بالبشر، فباستطاعتها أيضا أن تكون أداة حاسمة في مكافحته.
فنحن بحاجة إلى أن توحد الحكومات والهيئات التنظيمية والمؤسسات التجارية والمجتمع المدني قواها للاستثمار في السياسات والقوانين والحلول التكنولوجية التي يمكنها أن تساعد في تعرّف هوية الضحايا نساء ورجالا ومؤازرتهم، وكشف الجناة ومعاقبتهم، وضمان أن تكون الإنترنت فضاء مفتوحا لجميع الناس لا يخشون فيه على سلامتهم وأمنهم.
وفي إطار مؤتمر القمة المعني بالمستقبل لعام 2023، اقترحت ميثاقا رقميا عالميا لحشد تأييد العالم لضرورة إعمال مبادئ الإدارة الرشيدة في الفضاء الرقمي.
وإنني أنتهز الفرصة في هذا اليوم المهم لأناشد العالم إيلاء هذه المسألة ما تستحق من عناية وجهد والعمل في سبيل القضاء على الاتجار بالبشر إلى الأبد.