لقد تسببت الأنشطة البشرية في آثار مدمرة للأحياء البرية. ولكن العبقرية البشرية يمكن أن تسهم في إنقاذها.
ذلك أن التلوث والاضطراب المناخي وفقدان الموائل واستغلال الطبيعة عوامل دفعت بمليون نوع من أنواع النباتات والحيوانات إلى حافة الانقراض. وهذا واقع يثير الرعب في حد ذاته، ويشكل أيضا تهديدا مباشرا لصحة وسبل عيش بلايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، ولا سيما منهم أكثر الفئات ضعفا.
غير أن التكنولوجيات الرقمية، كما يذكرنا الموضوع المفرد هذا العام لليوم العالمي للأحياء البرية، يمكن أن تسهم في إعادة الأمور إلى نصابها. وبالفعل، تساعد السواتل حاليا في تعقب الحيوانات المعرضة للخطر. وبفضل البيانات المجمعة، يتسنى رسم مسار هجرة الأحياء البرية واستخدام الأراضي، بما يتيح دعم الجهود المبذولة لحمايتها.
والتكنولوجيات الرقمية لها من المقومات، إن استخدمت بشكل مسؤول ومستدام ومنصف، ما من شأنه أن يحدث ثورة في جهود حفظ الأحياء البرية. لكنها ليست سوى أداة من جملة أدوات الترسانة المتاحة لنا، لا عصا سحرية تحل جميع المشاكل. لذا فنحن لا نزال في حاجة إلى تضافر جهود البلدان والشركات والأفراد للمساعدة في انتشال الأحياء البرية في العالم من حافة الهاوية وبناء مستقبل عادل ومستدام.
وستناقش الدول الأعضاء، في مؤتمر القمة المعني بالمستقبل المقرر عقده هذا العام، مقترحاتنا المطروحة لوضع مقاييس جديدة تكميلية لمقياس الناتج المحلي الإجمالي. فأنشطة مثل صيد الأسماك المفرط وإزالة الغابات تزيد من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنها تدمر الطبيعة في الوقت نفسه. ويمكن أن توفر المقاييس التكميلية في هذا الصدد توازنا من خلال قياس الجوانب التي تحظى حقا باهتمام الناس والكوكب.
وأحث البلدان أيضا على اتخاذ إجراءات عاجلة للحد بدرجة كبيرة من الانبعاثات، والتكيف مع الظواهر المناخية القاسية، ومنع التلوث، وكبح فقدان التنوع البيولوجي، بما في ذلك الاعتراف بالدور الذي تؤديه الشعوب الأصلية في حماية التنوع البيولوجي.
ويجب على البلدان المتقدمة النمو أن تستثمر في التنوع البيولوجي والعمل المناخي في البلدان النامية. ويجب على جميع الحكومات أن تضع خططا مناخية وطنية جديدة تتماشى مع ضرورة حصر ارتفاع درجة الحرارة العالمية ضمن حدود 1,5 درجة مئوية، إلى جانب وضع استراتيجيات وطنية للتنوع البيولوجي لتنفيذ إطار كونمينغ - مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي.
إننا نعول في حياتنا على الطبيعة. فلنبرهن على أن الطبيعة يمكنها أن تعول علينا، ولنبادر بالعمل على حمايتها.