فقدان التنوع البيولوجي
يقلل فقدان التنوع البيولوجي إنتاجية النظم الإيكولوجية كثيرا، ويقلل بالتالي سلة الطبيعة من السلع والخدمات التي نستخدمها دائما. كما أنه يزعزع استقرار النظم الإيكولوجية، ويضعف قدرتها على التعامل مع الكوارث الطبيعية مثل الفياضانات والجفاف والأعاصير، فضلا عن تلك التي يتسبب فيها الإنسان مثل التلوث وتغير المناخ. ونحن ننفق بالفعل مبالغ طائلة في التصدي للكوارث التي تفاقمها إزالة الغابات مثل الفيضانات والأضرار الناجمة عن العواصف؛ ومن المتوقع تزايد هذه الأضرار بسبب الإحترار العالمي.
ونتعرض للضرر، بصور كثيرة، بسبب فقدان التنوع البيولوجي. فالهوية الثقافية متجذرة في البيئة البيولوجية. والنباتات والحيوانات هي رموز لعالمنا، يُحافظ عليها في الأعلام والتماثيل وغيرها من الصور التي تحدد هويتنا ومجتمعاتنا. كما أننا نستلهم الجمال والقوة بمجرد النظر في الطبيعة.
وفي حين أن فقدان الأنواع كان دائما ظاهرة طبيعية، إلا أن وتيرة الانقراض تسارعت بشكل كبير نتيجة للنشاط البشري. فالنظم الإيكولوجية تُجزّأ أو يقضى عليها، وهناك أنواع لا حصر لها آخذة في الإنقراض أو أنها قد أنقرضت بالفعل. ونحن نتسبب في أكبر أزمة انقراض منذ الكارثة الطبيعية التي قضت على الديناصورات قبل 65 مليون سنة. وهذه الإنقراضات لا يمكن عكس مسارها، وتمثل تهديدا لرفاهنا بسبب اعتمادنا على محاصيل الغذاء والأدوية وغيرها من الموارد البيولوجية. ومن غير الأخلاقي أن ندفع أشكال الحياة الأخرى إلى الإنقراض، وبالتالي حرمان أجيال الحاضر والمستقبل من خيارات البقاء والتنمية.
ويبقى السؤال، هل يمكننا الحفاظ على النظم الإيكولوجية للعالم، ومعها الأنواع التي نهتم لها، والملايين غيرها من الأنواع، التي قد تنتج بعضها غذاء الغد ودوائه؟ والجواب يكمن في قدرتنا على تحقيق مطالبنا بصورة تتماشى مع قدرة الطبيعة على إنتاج ما نحتاج إليه واستيعاب مخلفاتنا استيعابا مأمونا.
الأخطار التي تتهدد التنوع البيولوجي
- لا يزال فقدان الموئل، من خلال التغيرات في استخدام الأراضي وبخاصة تحويل الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية إلى أراض زراعية، هو أكبر سبب مباشر لفقدان التنوع البيولوجي. فقد حُوّل 20 إلى 50 في المائة من مجموع مساحة الأحياء البرية الأربعة عشر الموجوة على كوكب الأرض إلى أراض زراعية.
- لا يزال الاستخدام غير المستدام للنظم الإيكولوجية والإستغلال المفرط للتنوع البيولوجي تمثل تهديدات رئيسية. ويستخدم البشر الكثير من الأنواع لتلبية الاحتياجات الأساسية. وتعاني الكثير من الأنواع من التدهور نظرا لاستخدامها على مستويات غير مستدامة أو لحصادها بصور تهدد النظم الإيكولوجية التي تعتمد عليها. وينتشر هذا التدهور على نطاق واسع.
- من المتوقع أن يغدو تغير المناخ بصورة تدريجية تهديدا كبيرا للتنوع البيولوجي في العقود المقبلة. فقد لوحظت التغيرات في توقيت الإزهرار وأنماط الهجرة، فضلا عن توزع الأنوع بالفعل في أنحاء العالم. وفي أوروبا، على مدى الأربعين سنة الماضية، تقدمت بداية موسم النمو بنسبة 10 أيام في المتوسط. ويمكن لهذه النوعية من التغيرات أن تغير في سلاسل الغذاء وخلق تباين في إطار النظم الإيكولوجية التي طورت فيها الأنواع المتعددة فيما بينها اعتمادا متبادلا ومتزامنا، مثل الاعتماد المتبادل القائم بين التعشيش وتوافر الغذاء.
- من الممكن أن يتسبب نقل النباتات والحيوانات والكائنات الدقية - بقصد أو بدون قصد – إلى منطقة خارج نطاقاتها الجغرافية الطبيعية في حدوث أضرار كبيرة للأنواع الأصلية التي تتنافس معها على الغذاء، أن تتغذى عليها، وبالتالي نشر الأمراض والتسبب في حدوث تغيرات جينية من خلال التناسل مع الأنواع الأصلية، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى تعطيل جوانب عدة من شبكة الغذاء والبيئة المادية. وقد عُثر على 530 نوعا غريبا تحمل دليلا ثابتا بالأثر الواقع على التنوع البيولوجي في 57 بلدا جُمعت بياناتها، وبمتوسط 50 نوعا لكل بلد (في نطاق من تسعة إلى 200).
- ويسبب تراكم تلوث الفوسفور والنيتروجين، الذي يسببه بشكل كبير فائض الأسمدة الزراعية المتسربة من الأراضي الزراعية ومن المجارير والنفايات السائلة الأخرى، في تراكم طحالب قادرة على الاستفادة من العناصر الغذائية المضافة. ويمكن أن تكون الطحالب نفسها سامة وتسبب خطرا على الصحة، إلا أن ضررها الأكبر على التنوع البيولوجي هو الذي يسببه عندما تحليلها للإوكسجين أو استخدامه بكميات كبيرة في المياه، مسببة بذلك ’’مناطق موت‘‘ لا يمكن لإن شكل من أشكال الحياة من البقاء فيها. وقد ارتفع عدد مناطق الموت هذه من 149 منطقة في عام 2003 إلى ما يزيد عن 200 منطقة في عام 2006. وقد يؤدي استمرار إطلاق الملوثات من المصادر الحضرية والزراعية - مجتمعة مع النمو المتوقع في التنمية الساحلية والتكثيف الزراعي، إلى تكاثر عدد مناطق الموت في العقود القادمة، إلا إذا نُفذت تغييرات كبيرة في السياسات.